محمد قناوي يكتب: صُناع صاعدون ومخضرمون للأفلام القصيرة الدولية في البحر الأحمر 

محمد قناوي
محمد قناوي

تحظى الأفلام القصيرة بجماهيرية عالية لدى النقاد ومحبي الأفلام والسينما؛ كونها تتسم بطابع فني خاص ومتميز، وتتيح لصانع الفيلم التعبير عمَّا بداخله من عوالم مختلفة.

وتشكّل الأفلام القصيرة جزءًا مهمًا من ثقافة سرد القصص المستقلّة، واستكمالا للنجاح الذي حققته مسابقة البحر الأحمر للأفلام القصيرة في الدورتين الأولي والثانية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي يواصل المهرجان تقديم النسخة الثالثة من المسابقة وتحتفي اختيارات هذا العام  بــ 14 فيلما قصيرا دوليا تتميز بعددًا من القصص الجريئة لصنّاع أفلام صاعدين ومخضرمين على حدًّ سواء من مجموعة متنوّعة من الدول، مثل سنغافورة والسنغال وكازاخستان وباكستان وغيرها، وقد فرضت قضايا المرأة نفسها علي العدد الأكبر من الأفلام المشاركة في مسابقة هذا العام، كما تطرقت الأفلام لقضايا المراهقين، وهيمنة التكنولوجيا، وعوالم البرامج الواقعية، والرقابة علي السينما في دول العالم الثالث ومشاكل اللاجئين.
فمثلا قضايا المرأة ومشكلاتها تتجسد بقوة في فيلم"أواخر الرّيح"،من كازاخستان وهويحكي الفيلم قصة امرأة شابة كازاخستانية تكتشف أنها حامل، وفيما تتصاعد الاحتجاجات التي تغمر مدينتها بالفوضى، يختفي شريكها وتنقلب حياتها رأسًا على عقب، لتجد نفسها محاصرة بالوحدة والارتباك أمام حقيقة مستقبلها كأمّ.. ومن باكستان في "سولاشيا" والذي يروي قصة "زامدا"، وهي امرأة شابة تجد نفسها محاصرة في مأوى مؤقت تعمه الفوضى مع نازحين آخرين في باكستان، فتقرر زامدا البحث عن أحبائها بين صور المفقودين، غير قادرة على الهروب من حالة اليأس التي تعيشها.

ويرصد الفيلم الغاني (يآ) للشجاعة نساء"قصص متّصلة لثلاث نساء من غانا يستيقظن في أرض أجدادهن الغريبة عبر أجيال مختلفة، فيجدن أنفسهن في مواجهة عدّة تحديات ضمن رحلة البحث عن معنى لحياتهن وأمّتهنّ ضمن حكاية شاعرية ومبتكرة عن الشجاعة والصمود.

ويروي فيلم "بين البينين"، للمخرجة السعودية إيثار باعامر حكاية امرأة في العشرينيات مثقلة بتوقعّات مجتمعها التي تُملي عليها تصرفاتها وهويّتها، لكنها تقرر التحرر من تلك القيود لتتلمّس طريقها الخاص نحو تحقيق الذات.. وهناك الفيلم الفلبيني السنغافوي المشترك "أمّ في وقت الذروة" يتناول قصّة أمّ من الفلبّين تقع طائلة ضغط مهول لإثبات نفسها ضمن تجربة أداء لبرنامج ترفيهي استغلالي. حيث تصطحبنا عدسة الفيلم؛ إلى أعماق عوالم البرامج الواقعيّة، بطابع جريء وسريالي يمتزج فيه الواقع بالخيال ولا يخلو من السخرية.
ومن قضايا المرأة إلي مشاكل المراهقين،نجد فيلم"صدفة مقصودة"، من إندونيسيا والذي يدور حول قصة المراهق جوفان" ذو الـ 16 عامًا، الذي يكابد فضيحة مشاهدته لمقاطع خليعة أمام عائلته الملتزمة بالصدفة، مما يدفعهم لعقابه وحثّه على التكفير عن خطيئته دون أي تفسير يستطيع فهمه ، وهناك فيلم "حقيبة السفر" من أرمينيا  والذي يروي الفيلم قصة "علي" الذي يعود من ألمانيا مع ابنته "هزال" البالغة من العمر 21 عامًا إلى وطنه لمساعدة والدته المسنة، وعندما تكتشف هزال وصيّة جدتها الأخيرة في دفن حقيبتها القديمة معها بعد موتها، يتملكها الفضول حول هذه الحقيبة وما تحتويه ، وتستمرمناقشة قضايا المراهقين في الفيلم الباكستاني"عيد مبارك" والذي يحكي الفيلم قصة "إيمان"، وهي فتاة باكستانية من عائلة ميسورة، تشتري أُضحية للعيد، فتبني علاقة صداقة معها وتسمّيها "بارفي"، ثم سرعان ما تضع إيمان خطة لإنقاذها قبل حلول العيد.
ولم يغفل إختيارات هذا العام في مسابقة االبحر الأحمر للأفلام القصيرة الدولية قضايا اللاجئين والتي تتجسد فيا الايراني"حقيبة سفر"، والذي يروي قصة لاجئ كردي مغترب عن عائلته وموطنه الذي لا تربطه به سوا حقيبته المليئة بالذكريات، وحينما تتعرّض حقيبته للسرقة في وسط المدينة، يشعر أنه فقد موطنه للمرة الثانية.. وحول هيمنة التكنولوجيا والنفايات وتغلغلها في حياتنا اليومية، مما يثير تساؤلات عن سبل معالجتها، ضمن معالجة شاعرية تطرح تجربة تحولية عن تبعات العولمة والمخلّفات والتراث تدور أحاث الفيلم الراوندي"أرضنا الأمّ".
ويتناول الفيلم الإيراني" تايتانك"الفيلم المسؤولية الحرجة للرقابة السينمائية الإيرانية على ضوء اللوائح السلوكية السياسيّة الجديدة، والارتباك الذي لحق بقراراتها المتعلّقة بحظر أوتحرير بعض المشاهد السينمائيّة مقابل فسحها دون تدخّل، ضمن قالب شيّق من الكوميديا السوداوية.. ويغوص الفيلم السنغالي "الغَسَق" فيعالم الأرواح الذي ينجلي بحلول الغسق، فتصبح إحدى زوايا سوق داكار المظلمة التي يسكنها شبح "با كونغ- كونغ" أحد الأماكن المحظورة على الأطفال، ومع ذلك، تتخذ الطفلة بينتا قرارها لتثبت لأصدقائها أن الفتيات يملكن الشجاعة لخوض هذه المغامرة.

 أما فيلم "الانتظار" من جنوب أفريقيا: فيدور في قالب من الدراما الاجتماعية المؤثرة، يحكي الفيلم قصة "مزو" الذي يصادف رجلاً متقاعدًا يُدعى "فريد" في قسم شرطة كيب تاون، وفيما ينتظر فريد دوره في الطابور الطويل ضمن بيئة فوضوية ومزدحمة، يحمل مزو على عاتقه مهمة حصول "فريد" على المساعدة التي يحتاجها .

ويدور فيلم"الساعي" من أرمينيا حول ساعي أرميني يعاني من ضائقة مالية فيما تحتضر زوجته المريضة في المستشفى، مما يدفعه للتأمّل في الحدود الأخلاقية التي تتحدّي حاجته لإنقاذ زوجته.